مجتمع الأمن المعلوماتي: الدروس المستفادة من تجربة الإمارات في الهندسة الاجتماعية
تقدم الخبير الأمريكي، جون بي الترمان، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعتي جورج واشنطن وجونز هوبكنز، مقالًا يستعرض فيه الدروس المستفادة من تجربة الإمارات في مجال الهندسة الاجتماعية. يُذكر أن هذا المقال نُشر في “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية” الأمريكي ويستند إلى حوار أجراه الترمان مع الباحثة د. كالفرت جونز، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة ميريلاند الأمريكية.
تركزت الأبحاث التي أجرتها جونز، برعاية جامعة ميريلاد، على دراسة المناهج الجديدة لبناء المواطنين في الشرق الأوسط. وقد أعلنت جونز سابقًا عن كتابها الجديد “إعادة تشكيل المواطنين من أجل العولمة” في مؤتمر عقد في جامعة كامبردج عام 2017.
تُؤكد جونز أن الجهود المبذولة في الإمارات لإعادة صياغة مواطنيها قد حققت نتائج مفاجئة وغير مقصودة. بناءً على بحثها الميداني في الإمارات، اكتشفت جونز أن المناهج الدراسية التجريبية تهدف إلى تنمية مواطنين أكثر عولمة وفاعلية واكتفاء ذاتيًا، وذلك بفضل الدعم الحكومي المستمر.
ومثلما هو الحال في العديد من دول الخليج الأخرى، يعمل الجزء الأكبر من القوى العاملة الوطنية في الإمارات في القطاع الحكومي، نظرًا للثروة النفطية والرعاية الحكومية الواسعة. ومع ذلك، نظر.
نظراً لتنوع المجتمع في الإمارات ووجود أفراد من مختلف الثقافات والجنسيات، يتطلب بناء مواطنين عولمة وفاعلين تبني مناهج دراسية متطورة تتناسب مع التحديات الحديثة وتعزز القيم والهوية الوطنية للإمارات.
وفي هذا السياق، تساهم مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية في تشكيل الهوية الوطنية وتعزز قيم المواطنة عبر المناهج التعليمية والبرامج التدريبية والأنشطة الاجتماعية والثقافية. كما تُقدم الحكومة دعمًا مستمرًا لتطوير مهارات ومعارف المواطنين، سواء عبر التعليم العالي أو التدريب المهني، بهدف تمكينهم وزيادة فاعليتهم في المجتمع.
ومن الجوانب المهمة التي يركز عليها بناء المواطن الإماراتي العولم هو تعزيز الثقة بالنفس وتطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع والابتكار. كما يُعزز الوعي بالمسؤولية الاجتماعية والاهتمام بالمجتمع المحلي والعالمي، وذلك من خلال تشجيع المشاركة الفعالة في الأعمال الخيرية والمبادرات الاجتماعية.
وعلى صعيد آخر، تعتبر الهندسة الاجتماعية أداة مثيرة للجدل، حيث يُمكن استخدامها لأغراض إيجابية كتعزيز التفاهم الثقافي والتعايش السلمي بين المجتمعات المختلفة. وفي المقابل، يمكن أن تُستغل بطرق ضارة مثل التأثير على سلوك الأفراد أو تشويه الحقائق من أجل تحقيق أهداف غير أخلاقية.
بشكل عام، تتبنى الإمارات نهجًا شاملاً لبناء مواطن عولم، يركز على تعزيز القيم والمبادئ الإنسانية العالمية وتطوير المهارات والقدرات الشخصية.
لتحقيق هذا الهدف، تستند الإمارات إلى عدة أركان أساسية في بناء المواطن العولم.
إليك بعض الجوانب التي توليها الإمارات اهتمامًا كبيرًا:
- التعليم: تعتبر القطاع التعليمي في الإمارات أحد أهم الأركان لتطوير المواطن العولم. توفر الإمارات نظامًا تعليميًا متطورًا يشمل المدارس الحكومية والخاصة، والجامعات والمؤسسات التعليمية العالية. يتم تضمين في المناهج الدراسية مفاهيم التفكير النقدي، والابتكار، والثقافة العالمية، بالإضافة إلى تعزيز القيم والهوية الوطنية.
- التنمية المهنية والتدريب: يقوم النظام الحكومي في الإمارات بتوفير فرص تدريبية وبرامج تنمية مهنية للمواطنين، بهدف تعزيز قدراتهم ومهاراتهم في سوق العمل العولمي. يتم تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية في مجالات متنوعة مثل التكنولوجيا، والإدارة، والابتكار، والقيادة.
- التعددية الثقافية: تشجع الإمارات على التعايش السلمي والتفاهم بين الثقافات المختلفة التي تعيش في البلاد. يتم تنظيم فعاليات ثقافية واجتماعية متنوعة، مثل المعارض الفنية، والعروض الموسيقية، والمهرجانات الثقافية، التي تعزز التبادل الثقافي وتعمق فهم الثقافات المختلفة.
- المشاركة الاجتماعية والعمل الخيري: يشجع المواطن الإماراتي على المشاركة الفعالة في الأعمال الخيرية والمبادرات الاجتماعية. يتم توفير الدعم والتشجيع للمواطنين للمساهمة في المشاريع الخيرية المحلية والعالمية، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للجميع.
- التواصل الدولي: تعمل الإمارات على تعزيز التواصل والتعاون الدولي في مختلف المجالات، بما في ذلك الشؤون السياسية، والاقتصادية، والثقافية. تستضيف الإمارات العديد من الفعاليات العالمية مثل المؤتمرات والمعارض والمهرجانات، وتشارك في منظمات دولية لتعزيز التفاهم والتعاون العالمي.
باختصار، يسعى المواطن الإماراتي لأن يكون مواطنًا عولمًا من خلال التعليم الشامل، والتنمية المهنية، والتعددية الثقافية، والمشاركة الاجتماعية، والتواصل الدولي. تلك الجوانب تعزز القيم الإنسانية العالمية وتساهم في بناء عالم أفضل وأكثر تعاونًا.